الإمارات ترسّخ نموذجاً عالمياً للبيئة الآمنة والمتسامحة
أطلقت «اليونسكو» شعار «التعلم من أجل سلام دائم»، بمناسبة اليوم الدولي السادس للتعليم الذي يصادف في 24 من شهر يناير. ودعت «اليونسكو» بهذه المناسبة إلى التركيز على مكانة التعليم في هذه المساعي، وأن يتّسم التعلم من أجل السلام بطابع تحويليّ، بما يساعد على تمكين المتعلمين، وتزويدهم بالمعارف الضرورية والقيم والمواقف والمهارات والسلوكيات كي يصبحوا دعاة للسلام في مجتمعاتهم المحلية.
في الإمارات، اتفق عدد من الخبراء في التعليم على أهمية النظر في موضوع التعليم واستقرار الأطفال في مجتمعاتهم ومدارسهم وإبقائها آمنة، في الدول والمناطق التي تشهد عنفاً واضطراباً من دون نبذ الاحتياجات الأساسية للشعوب في تلك المناطق.
كما أشاروا إلى الدور الكبير الذي تلعبه دولة الإمارات في ترسيخ قيم التسامح والسلام، ونشر قيمهما بين طلبة المدارس والجامعات، ونبذ العنصرية والتمييز والكراهية في المجتمع.
وقالت الدكتورة سونيا بن جعفر، المديرة التنفيذية لمؤسسة عبدالله الغرير، إنه عند التفكير في إطار النزاعات، أو أوضاع العنف في العديد من الدول، فهناك قضية حاسمة غالباً ما تكون خفية، وليست ضمن لائحة الأولويات، إذ في الحديث عن الآثار المباشرة للعنف والاضطرابات، يغلب التركيز على الاحتياجات الأساسية لأولئك الذين يعيشون مراحل صعبة للغاية، وهي المأوى والغذاء والرعاية الطبية، والنظافة، والصرف الصحي، والمياه.
ولكن في حين أن هذا يستحوذ على اهتمامنا في المؤسسة، لأن المساعدات الإنسانية والاستجابة لحالات الطوارئ تحتاج إلى تلبية تلك الاحتياجات العاجلة، فإن التعليم يبقى ضمن المحاور الثانوية، الأمر الذي يمثل مشكلة كبيرة لأجيال المستقبل.
وقالت إنه غالباً ما تتضرر، أو يتم تدمير المؤسسات التعليمية، واستخدامها كملاجئ، ثم يتم تدميرها مرة أخرى، ما يشكّل أولاً أزمة مؤقتة، ثم طويلة الأمد، ويحرم الشباب من مستقبلهم، لذا فإن التعليم لا يقتصر على التعلم فقط، بل يتعلق الأمر بإيجاد ما يشبه حياة طبيعية داخل هذه المؤسسات، وتمكين الأطفال، والسماح لهم بالتفكير النقدي والتساؤل، والحلم والابتكار. وللأسف العديد من الأطفال يُحرمون من ذلك.
وأضافت: «كل طفل يولد مع شعور فطري بالمساواة. الأطفال يعرفون أنهم مهمون، ويعلمون أن الجميع متساوون بالطريقة نفسها، لذلك من المهم جداً غرس مفاهيم التسامح والتعاطف والمسؤولية الاجتماعية، لأن التعليم يمكنه بالفعل تعزيز تلك القيم». وقالت: «ندرك بأن التحيز والعنصرية يتم تعلمهما، ولذا يمكننا أيضاً تعليم عكس ذلك، وتعزيز السلام من خلال تعليم أطفالنا أن الجميع متساوون. ويمكننا أن نرى ذلك في بيئات متنوعة، حيث يكون التسامح قيمة عالية، كما هو الحال في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تعد البيئات الآمنة والمتنوعة والمتسامحة ضرورية، ونحن بحاجة إلى حماية أطفالنا من العنف والتمييز».
وأشارت إلى أن «المعاناة تلاحق الأطفال في جميع أنحاء العالم، فقد أعلنت الأمم المتحدة أن أكثر من 400 مليون طفل يعيشون في بلدان تشهد نزاعات عنيفة، وهذا الرقم مرتفع جداً. ونعلم من البنك الدولي أن 11 تريليون دولار من الأرباح المستقبلية يتم فقدانها على مستوى العالم بسبب العنف داخل المدارس وحولها، فهذا أكثر من مجرد خسارة مستقبلهم، بل إن البلدان والمناطق تفقد فرصتها في التنمية الاقتصادية.
وأكدت أنه يجب أن يكون هذا كافياً لجعل الجميع يهتمون بحقوق الطفل والإنسان، ولكن يجب أيضاً الاهتمام بمستقبل الأطفال، والبحث عن طرق للتعاون عبر الحدود، للتمكّن من تعزيز مجتمع صحي وسلمي»
وقال الدكتور محمد المصلح، أستاذ مساعد في كلية الهندسة والعلوم الفيزيائية بجامعة هيريوت وات دبي، يعدّ الاحتفاء باليوم العالمي للتعليم مناسبة بالغة الأهمية، ويُعتبر بمثابة الاعتراف بالتأثير القوى للتعليم على الأفراد والمجتمع ككل، وفي هذا العام بالأخص يتم التركيز على موضوع «التعلم من أجل السلام الدائم». وفي مشهد عالمي سريع التطور، يبرز التعليم منارة للأمل، ويعزز التفاهم والتسامح والتعاون بين المجتمعات المتنوعة، ويساعد على توحيد الأهداف وتقريب الأفكار.
وأشار إلى أن موضوع هذا العام يؤكد الدور الحاسم الذي يلعبه التعليم في بناء الأساس للسلام الدائم بين الشعوب، ويعمل التعليم على تمكين الأفراد، وتزويدهم بالمعرفة والمهارات اللازمة لمواجهة التحديات المجتمعية، وتعزيز الوئام الاجتماعي، وبالتالي الحد من الصراعات. ومن خلال غرس قيم التعاطف والشمول والاحترام المتبادل، وهي من المهارات الناعمة التي طالما شجع عليها التعليم في وقتنا هذا، خصوصاً في الآونة الأخيرة، يصبح التعليم أداة قوية في تشكيل مجتمع يتضمن أفراداً مسؤولين وقادرين على تقبل الآخر، وتقبّل الاختلافات.
وفي خضم التحديات التي يواجهها العالم في يومنا هذا، فإن التركيز على «التعلم من أجل السلام الدائم» يحثّ الدول على إعطاء الأولوية للتعليم محفزاً للتغيير الإيجابي. فهو يدرك أن التعليم لا يقتصر على الحصول على المعلومات فحسب، بل يتعلق أيضاً بتعزيز التفكير النقدي والإبداع والقدرة على التعاون، وهي صفات ضرورية لحل النزاعات سلمياً، وبناء مجتمعات مستدامة.
وأضاف أنه في هذا اليوم العالمي للتعليم، نؤكد من جديد التزامنا بتوفير التعليم الجيد للجميع، وإتاحة الفرص لجميع فئات المجتمع على حد سواء، وكسر الحواجز التي تواجه تحقيق أهداف التعليم، وضمان عدم تخلف أحد عن الركب. يجب على الحكومات والمعلمين والمجتمعات العمل معاً لخلق فرص تعليمية شاملة وعادلة. ومن خلال الاستثمار في التعليم، فإننا نستثمر في المستقبل، وننشئ جيلاً يستطيع التغلب على الاختلافات، وسدّ الفجوات، والمساهمة في عالم يتسم بالسلام الدائم. إن اليوم العالمي للتعليم 2024 هو بمثابة تذكير بأنه من خلال التعلم، يمكننا بناء مستقبل أكثر إشراقاً وتناغماً للأجيال المقبلة.
دور رائد
قال الدكتور محمد أحمد عبد الرحمن، مدير جامعة الوصل، إن عملية التعلم تعرف اصطلاحاً بأنها نشاط يهدف إلى اكتساب المهارات، والحصول على المعرفة الجديدة، وتنعكس هذه العملية التعليمية على السلوك، والقيم، والأفكار، وغيرها، لذا فالتعليم له دور مهم في تشكيل شخصية الفرد وإكسابه المعرفة والمهارات التي تؤثر في سلوكه مع أقرانه، ومجتمعه.
ولفت إلى أن دولة الإمارات لها دور رائد في ترسيخ قيم التسامح والسلام، ونشر قيمهما بين طلبة المدارس والجامعات، ونبذ العنصرية والتمييز والكراهية، فقد عملت على تطوير وإكساب مهارات التفكير النقدي والإبداعي والابتكار بين طلبة المدارس والجامعات ليكونوا أكثر قدرة وعقلانية في مواجهة التحديات على مستوى الفرد والمجتمع، وبما يحقق الأمن والسلام، ونشر قيم التسامح وتقبل الآخر، ومن ثم تحقيق الأمن والسلم المجتمعي.