منصة إلكترونية تساعد الطلاب العرب على اكتساب مهارات النجاح في الدراسة والعمل
ربما تكون الفرص المتاحة للطلاب لتحسين تعليمهم العالي وآفاقهم المهنية ضئيلة في العالم العربي، حيث تؤكد العديد من المدارس على العمل داخل الفصول الدراسية ونتائج الامتحانات وتفشل في تزويد الشباب بالمهارات الحياتية اللازمة لتقدّمهم في المستقبل. نتيجة لذلك، يكتشف بعض الطلاب أنهم يعرفون القليل عن الجامعات أو سوق العمل عند اقتراب الخطوة التالية.
تفاقمت المشكلة مع أزمة كوفيد-19، حيث انقطع الطلاب عن المعلمين ولم يعد في مقدورهم زيارة الحرم الجامعي أو مقابلة مستشاري الجامعة. لكن الاستيعاب الرقمي عبر المنطقة تسارع خلال الوباء، وظهرت فرص جديدة عبر الإنترنت.
يعتبر برنامج الغرير للمفكرين اليافعين ، وهو بوابة إلكترونية تقدم دورات ونصائح لمساعدة الطلاب الإماراتيين والعرب على الاستعداد للجامعة والعمل المستقبلي، من بين هذه الفرص.
قالت نسمة فرحات، مديرة برنامج التعليم في مؤسسة عبد الله الغرير للتعليم، التي أنشأت المنصة، “كانت مسألة محو الأمية الرقمية للشباب في المنطقة شيئًا بالغنا (في البداية) في تقديره.” وأضافت “شجع وباء كوفيد-19 المزيد من الشباب على الدخول على الإنترنت ليصبحوا أذكياء رقميًا.”
تقدم المؤسسة، ومقرها دبي، منحًا دراسية وتدريبًا على المهارات للطلاب المحرومين في الإمارات العربية المتحدة ولبنان والأردن. تدير فرحات برنامج المفكرين اليافعين.
نصائح تناسب احتياجات الطلاب العرب
قالت فرحات “أردنا القيام بشيء مخصص لشباب الإمارات العربية المتحدة على وجه التحديد. … بهدف سد بعض الفجوات الرئيسية في مرحلة انتقال الشباب من المدرسة الثانوية إلى الجامعة ومن الجامعة إلى أماكن العمل.”
من خلال العمل جنبًا إلى جنب مع فريق في جامعة ولاية أريزونا، إحدى المؤسسات الرائدة في تقديم خدمات التعليم عبر الإنترنت في الولايات المتحدة، طورت المؤسسة منصة رقمية بمكونات مصممة لمواجهة التحديات التي يواجهها الطلاب العرب الباحثين عن المشورة.
على الصعيد العالمي، هناك فجوة كبيرة بين مجالي تنمية المهارات واكتسابها، كما تقول فرحات، التي سلطت الضوء بشكل خاص على التناقض بين عالم العمل المتغير وتعليم مهارات القرن الحادي والعشرين للنجاح بين الشباب العربي. قالت “أردنا مساعدة الشباب على اتخاذ قرارات أفضل.”
في غضون 48 ساعة من إطلاق المنصة في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، تجاوز الطلب بالفعل سعة بعض خدماتها.
قالت فرحات “لقد أدركنا أن هناك تعطشًا وجوعًا لهذا النوع من المعلومات، والشباب لا يجدونها – أو في حال توفرها، فإنها غير متوفرة باللغة العربية أو ليست عالية الجودة بالشكل الذي يمكن أن تكون عليه.”
يسجّل الآن 24,000 طالب في المنصة المجانية، والتي توسعت لخدمة الشباب في جميع أنحاء العالم العربي.
تقدم البوابة دورات في موضوعات مثل التخطيط الوظيفي، والتواصل، ومحو الأمية الإلكترونية، وإدارة الوقت، والاستعداد للجامعة. يحظى خيار مطابقة المستشار بشعبية خاصة، وهو خيار يجمع بين الطلاب وخبير تعليمي في الولايات المتحدة لتقديم المشورة بشأن كل شيء بدءًا من اختيار التخصص وحتى تحقيق أقصى استفادة من الحياة الجامعية.
الوصول عبر الإنترنت يملأ فجوة
تقول تيماء جوخدار، طالبة علم النفس من حمص في سوريا، والتي تدرس في جامعة في شمال لبنان، إن الجانب الإلكتروني للمنصة قد سد فجوة. قالت الشابة البالغة من العمر 22 عامًا “لا يتوفر الكثير من أشياءٍ كهذه على الإنترنت، وقد سهل الوصول إليها أثناء فيروس كورونا.”
في البداية، أصيب سليمان فرج، البالغ من العمر 19 عامًا والذي يعيش في إمارة عجمان، بالذهول من آفاق الجامعة والقرارات التي تنطوي عليها. قال “في الصف الثاني عشر لم أكن أعرف ماذا أريد أن أفعل أو أي جامعة سألتحق بها، ولم أكن متأكدًا بشأن تخصصي على الإطلاق. … لم أكن أعرف حتى شيئًا عن ماهية الجامعة أو كيفية عمل نظامها.”
صادف فرج برنامج المفكرين اليافعين أثناء تصفح الإنترنت للحصول على المشورة، وأجرى اختبار البوابة الذي يطابق اهتمامات المستخدمين بالمهن وبيانات الاعتماد. وكانت معظم النتائج التي حصل عليها موضوعات هندسية. قال “شعرت وكأن هذا ما كنتُ أبحث عنه.” ثم أخذ دورة تدريبية في الاستعداد للجامعة، حيث تعلم لأول مرة أنه يتم تقييم طلاب الجامعات على نظام معدل النقاط.
قال “لقد تعلمت ما تقدمه لي الجامعة وكيف يمكنني تحقيق أقصى استفادة منها، وكيفية الدراسة بفعالية وتحديد الأهداف وإدارة وقتي،” مضيفًا أن المعرفة الإضافية جعلته يشعر “بمزيد من الثقة والراحة” بشأن رحلة المقبلة.
الآن، يعتقد فرج، وهو طالب في السنة الثانية في كلية الهندسة الكيميائية بجامعة خليفة بأبوظبي، أن البرنامج لم يساعده في تحديد مساره الأكاديمي فحسب بل قدم إرشادات شخصية لا تقدر بثمن أيضًا. قال “عندما تبدأ المدرسة، فأنت تعرف عامك الدراسي بأكمله في غضون أيام قليلة، ولكن في الجامعة هناك أشخاص مختلفون في كل فصل، لذلك كنت خائفًا.”
وقد شارك مخاوفه مع مستشار برنامج المفكرين اليافعين وتوصل إلى نصائح حول مقابلة الأشخاص وتكوين صداقات. قال “في السابق، كنتُ خجولًا، لكن الجامعة تغير شخصيتك.”
خدمات مصممة لتناسب الاحتياجات المتغيرة
يتم تحديث المنصة باستمرار لتلائم الاحتياجات الخاصة للطلاب في البلدان المختلفة التي تخدمها. على طول الخط، تمت إضافة خدمة تسجيل عبر واتساب لأن عددًا أقل من الشباب العربي يستخدم البريد الإلكتروني الآن، وتم دمج المزيد من التعلم بالفيديو في الدورات التدريبية بعد أن قال الشباب إنها طريقتهم المفضلة للتعلم.
تختلف التفضيلات من بلد إلى آخر. ففي الأردن، أظهر المستخدمون اهتمامًا كبيرًا بدورات الخطابة والذكاء العاطفي والتخطيط الاستراتيجي والتعليمي والوظيفي وإدارة الوقت.
أخذت صبا السطري، وهي طالبة في مدرسة ثانوية في الأردن تبلغ من العمر 17 عامًا، دورة لإدارة الوقت، وقد أثبتت بالفعل فائدتها في التحضير لامتحاناتها النهائية. تخطط السطري لأخذ دورة الاستعداد للجامعة بعد ذلك لأن “المدارس هنا لا تعدّك حقًا لدخول الجامعة”. لسد الفجوة، كانت تتطوع في مجتمعها المحلي، في محاولة لاكتساب المهارات الحياتية التي يفتقر إليها تعليمها المدرسي.
لكن، ومن خلال الوصول إلى برنامج المفكرين اليافعين، تبدو السطري، التي تحلم بأن تكون صحفية لتغطية قضايا حقوق المرأة، متحمسة لإكمال المزيد من ورش العمل بعد الانتهاء من امتحاناتها. قالت “تتضمن المنصة الكثير من المعلومات المفيدة. سيساعدني هذا كثيرًا في الجامعة.”
أرسلت جامعة زايد في دولة الإمارات العربية المتحدة معلومات حول برنامج المفكرين اليافعين لجميع طلابها. بالنسبة لأحمد الحمَادي، 19 عامًا، الطالب في سنته الأولى في دراسة الشؤون الدولية هناك، كانت جاذبية تجربة أشياء جديدة هي ما دفعه إلى النقر على الرابط. ومنذ ذلك الحين، أخذ دورة إدارة الوقت وأكمل دورة أخرى تقريبًا حول استراتيجيات التعلم الفعالة.
قال الحمادي “منحني ذلك المزيد من الثقة.” في السابق، كان الشاب مترددًا في متابعة أحلامه في السعي للحصول على درجة الماجستير والدكتوراه، ولكن هذه الأهداف تبدو الآن في متناول اليد على نحوٍ متزايد. قال “لدي طموحات أكاديمية كبيرة. اعتقدت أنني كنتُ أطمح للكثير، لكنني الآن أعلم أنه ليس كثيرًا. يمكنني التعلم.”