
في وقت سابق من هذا العام، أتممتُ تدريباً في مجال الأبحاث في مؤسسة عبد الله الغرير للتعليم، امتد على أربعة أشهر وتمحور حول موضوع تعليم اللاجئين. وقد خضعتُ لهذا التدريب في إطار دراستي للحصول على شهادة الماجستير في جامعة كامبريدج، وكان قوامه اهتمامي الكبير بالعمل كباحثة في مجال النزوح القسري والجهرة. لقد علمتني تجربتي في المؤسسة ثلاثة أمور أساسية عن العمل في القطاع غير الربحي وخدمة الأشخاص الأكثر حاجة.
أولاً، اكتشفت قيمة الأبحاث القائمة على البيانات في مجالَي التعليم والأعمال الخيرية على حد سواء، ضمن المنطقة العربية وخارجها. تقدم مؤسسة عبد الله الغرير للتعليم للمهنين الشباب فرصة التواصل مع مجموعة كبيرة من الأشخاص واسعي الاطلاع والتفاعل معهم من أجل الوصول إلى فهم أفضل للبيانات والأبحاث الميدانية التي تم إجراؤها لدعم الأشخاص الأكثر حاجة في مختلف السياقات. وقد تمثلت مساهمتي في هذه المشاريع بشكل خاص في إجراء أبحاث أساسية حول طبيعة العلاقة الترابطية بين تعليم اللاجئين وبين توظيفهم في الأردن ولبنان، مما جعلني أختبر عن كثب مدى صعوبة هذا المجال المعقد ومدى أهمية دراسة وفهم السياق المحلي خلال وضع المبادرات المتعلقة باللاجئين والتعليم.
ثانياً، تعلمت أنه يتعين أن تجتمع في الأبحاث منظورات متعددة وأن تشجع الحلول في جميع القطاعات. ويعني ذلك ببساطة، أنه يتعين أن تقوم حلول المشاكل المعقدة على عدة منظورات. بينما كنت أستعد لإطلاق مبادرة جديدة في المؤسسة، أُتيحت لي الفرصة لأكتشف مدى ضرورة التعاون بين أصحاب المصلحة المختلفين في تحديد الثغرات على الأرض. لقد التقيت محترفين من الشباب الملهِمين في العالم العربي يمثلون "أصوات التغيير" محلياً وتحدثت إلى باحثين مقيمين في الولايات المتحدة عن أصحاب المصلحة الذين يحددون اتجاه تعليم اللاجئين، وأدركت أنه وعلى الرغم من أن المنظمات تبذل جهوداً كبرى على الأرض، إلا أن المشاريع المشتركة وخصوصاً المشاريع البحثية كتلك التي تتيحها المؤسسة /تسهل المؤسسة إنجازها، من شأنه أن يساهم في توحيد الأراء ويترك أثرا أكبر في المنطقة.
ثالثاً، أدركت مدى أهمية بناء نماذج شاملة لتلبية احتياجات اللاجئين وغيرهم من السكان الضعفاء والتي تجعل منهم محور البرنامج. لا يمكن قياس نجاح البرنامج بعدد المشاركين فيه، فالنجاح الحقيقي يكمن في التركيز على نجاح المشاركين على المدى الطويل داخل نطاق البرنامج وخارجه.. وبينما كنت أعمل على توثيق تجارب اللاجئين الملتحقين ببرنامج الغرير لطلبة العلوم والتكنولوجيا، تأثرت بقصص حياتهم وباللحظات المؤثرة التي مروا بها في حياتهم وبتجاربهم الشخصية في البرنامج حتى الآن وأدركت مدى أهمية إشراكهم في مشاريعنا.
والنصيحة التي أقدمها ختاماً للباحثين الطموحين أو الشباب في هذا المجال هي إدراك قيمة الأبحاث القائمة على البيانات وتعزيز التعاون مع باحثين وأصحاب مصلحة آخرين والأهم، تركيز عملهم أو برامجهم على الاحتياجات الطويلة الأمد للمستفيدين. بذلك، تساهمون في تنفيذ مشاريع مستدامة لا تعود بالفائدة على اللاجئين والأشخاص الأكثر حاجة فقط، بل على المنطقة ككل.